السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث استوقفني كثيرا ..
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ..
فالمؤمن أكبر من أن يُسجن في سجن ولو كانت الدنيا ذلك السجن.. والكافر أشقى من أن تكون له جنة في الدنيا أو في الآخرة، وأي جنة تكون له وهو المعرض عن ذكر ربه فما ينفك يعيش ضنكاً.
نعم المؤمن أكبر من الدنيا، فحقيقة الإيمان المستقرة في قلبه هي الحقيقة التي قامت عليها السموات والأرض، وهي الحقيقة التي تصله بالله جل شأنه مالك الملك ..فما الدنيا ؟
ولو تأملنا كلمة سجن .. وتفحصنا معناها ..
ونظرنا إلى أنفسنا ... نحن مؤمنون بالله .. فكيف نعيش في سجن ..؟؟
دعوني أضرب لكم مثالا ...
على سجون الدنيا .. يسجن فيها اناس كثر .. ويكون السجان هو مالك أمرهم .. فلا يأكلون إلا بأمره .. ولا يخرجون للتنفس إلا بأمره .. ولا يلبسون إلا ما يسمح بدخوله إليهم ..
والمؤمن في سجن الدنيا هكذا ...
ينبغي عليه أن يستشعر هذا السجن .. فلا يأكل إلا مما أباحه الله .. ولا يشرب إلا حلال .. ولا يلبس إلا ما احله الله له .. ولا يفعل إلا ما أبيح له .. يطيع الله في كل اموره .. ويترقب خشيته في كل افعاله
هكذا يكون سجن المؤمن
وإني لأسوق قصة الحافظ ابن حجر .. وان كان البعض ينسبها إلى العز بن عبد السلام
فقد مر ذات يوم في السوق .. وحوله طلبة العلم .. يتفقد أحوال الناس .. عليه هيبة العلماء
واحترامهم له .. وكان في السوق رجل يهودي يعمل زيات .. متسخ الثياب باليها ..
فاندفع امام الشيخ الوقور .. وقال له هل انت مسلم : قال العز بن عبد السلام : نعم
قال أليس نبيكم يقول " الجنة سجن المؤمن وجنة الكافر ؟؟
قال العز : نعم .. لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
فقال اليهودي ـ وانظروا الى خبثه ـ مشيرا إلى حالته الرثة .. فأين هي الجنة بالنسبة لي .. وأشار إلى حاله .. وأين هو السجن بالنسبة لك .. واشار الى حال العز بن عبد السلام
فنظر إليه العز .. ثم أجابه اجابة شافية .. تأملوا معي ما قال
قال : إنما أنا فيه الآن إنما هو سجن بالنسبة للنعيم الذي أعده الله لي في الجنة .. وما أنت فيه الآن من رثاثة الحال .. جنة بالنسبة لما اعده الله لك في الجحيم
فبهت الذي كفر
وقال اليهودي : أشهد أن لا اله الا الله .. وأشهد أن محمدا رسول الله
انظروا .. اجابة صادقة .. خرجت من قلب مؤمن .. حملت الرجل اليهودي على الاسلام
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك مافيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها الا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها
اين المولك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكاس الموت ساقيها
أموالنا لذوي الميرث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها
وأعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
فيا اخي الحبيب لا تغتر بالدنيا فهي إن حلت أوحلت وإن جلت أوجلت
أسأل الله لي ولكم الإستقامة على طريق الحق